موقع العلامة الدكتور محمد زين العابدين رستم  موقع العلامة الدكتور محمد زين العابدين رستم
مؤلفات و بحوث

مؤلفات و بحوث

مؤلفات و بحوث
جاري التحميل ...

كتاب السدر المخضود و الطلح المنضود في رحلة الفردوس المفقود

 





صدر حديثا كتاب الشيخ الدكتور محمد زين العابدين رستم ، عن رحلته الى بلاد الأندلس، والكتاب من منشورات مكتبة سلمى الثقافية بتطوان.

كلمات العلامة محمد رستم في حب بلاد الأندلس و علمائها وتاريخها العلمي:

    " .. فأنا شديد العشق لكل ما هو أندلسي ..أرتاح عندما أكتب أو أقرأ عنها...وأهش لحديثها...وأطرب لكل ما يمت إليها بصلة.. "

 

     " نشأتُ على محبَّة الأندلس تاريخاً وحضارةً وعلمًا و أدباً ..ولطالما رجوْتُ زورةً لتلك المعاهد أُعيدُ فيها تركيب تاريخِ جيلٍ من الناس كانوا هناك فدرجوا ..وظللتُ على هذا الرجاء سنينَ مديدة وأعواما طويلة حتى قُدِّر لي أنْ أكَحِّلَ العيْنَ بجمال أرضِ أندلس في رمضان من سنوات قد خلَتْ، فوقفتُ في هاتيك الدِّيار على ما  أحيا فيَّ ذكرى حزينة ..تبدَّت لي فيها قُرطبة وطليطلة وغرناطة ووادي الحجارة و مجريط على غير الحالِ التِّي ألفيتُها في" مُقتبس ابن حيان" و" نفح طيب المقري"، و" إحاطة لسان الدين ابن الخطيب"، و" مُعجب المراكشي"، و" صِلَةِ ابنِ بشكوال "...أمضيتُ في الفردوس المفقود شهرَ رمضان في دَهَشٍ وذُهولٍ أبحثُ بيْن الناس عن ابن حزم القرطبي و ابن العربي الإشبيلي و ابن سُكَّرة السَّرقسطي وابن رُشد الفقيه الأَبيِّ .. رجعتُ أدراجي مع قُدوم العيدِ ولم أظْفر بِبُغيتي ..فأيقنتُ أنَّ تلك الدِّيار قدْ خلتْ من أولئك الأبْرار.. "

 

      " قصدت من كتابة هذه الرحلة التنفيس عما كان أصابني من غم وأسى بضياع أندلس...فلقد أحبب أندلسا مذْ كنت صبيا متفرجا على مسلسلات تاريخية لطارق بن زياد والمعتمد بن عباد والمرابطين...ولم أكتبها للتاريخ أو لأخذ الفائدة العلمية، وما كان من ذلك واردا فيها فغيرُ مقصود ولا مراد البتة.."

 

    " وأما الأسلوب الأدبي الذي كتبت به الرحلة فمن وحي جمال الأندلس...وحسنها...ورقة أهلها ...أهل قرطبة وإشبيلية وغرناطة....جمالٌ لا يمكن إلا أن يعبر عنه بالجمال.الفني الذي يحمله الكلم العربي...ولقد كان يخيل إلي وانا أكتب عن الأندلس أنني لن أجد الكلمات التي أعبر بها عن المراد...بيد أنني لما مضيت فيما أنا بسبيله...وجدت الكلمات تتبادر...وتنساب...رقراقة ...بها الماء والرُّواء...والجمال والجلال...وكل ذلك من نفح طيب أندلس، ووحي غصنها الرطيب..."

 


" كانت الرحلة إلى إسبانيا الأندلس العربية الإسلامية حلما راودني مذ عقلت على نفسي قارئا نهما للتراث الأندلسي الذي كتبه الأعلام في الدين و الفكر والأدب في هذه الجهة الغربية من الوطن الإسلامي الكبير...وكان شوقي يزداد إلى زورة إلى أرض الفردوس المفقود كلما ازددت قراءة لكل أثر أندلسي...وكانت النفس مع شوقها تخشى هذا اللقاء المرتقب إلى تلك الأرض الطيبة المباركة التي مشى عليها ودرج عمالقة الفكر الإسلامي من أعلام العالم، وجهابذة الدنيا طرا....لقد كانت النفس تخشى من أن يكون هذا اللقاء مُهلكا لها....إذ ربما طار العقل...وذهب التصون...وتفلت الإنضباط ...عندما تجابه بالحقيقة التي لطالما قرأتها في الكتب من أن الإسلام انحسر ضياؤه عن الجزيرة الأندلسية...وأن قرطبة وغرناطة وإشبيلية والمرية وطليطلة...وسرقسطة ومرسية ودانية وطلبيرة ومجريط كلها مدن لا وجود لها اليوم في عالم الناس...إلا من جهة ما تبقى من أسمائها من حروف ميتة محرفة على ألسنة الإسبان....إنها الصدمة إذن التي تخشى منها النفس عندما يقال لها إن الأرض التي مشى ودرج عليها بقي بن مخلد ومحمد بن وضاح ناشريْن الحديث في أرض أندلس اغتصبت في أرضين كثيرة سرقت من هذه الأمة....إنها الرجة إذن التي قد تصاب بها النفس عندما يقال لها إن الثرى الذي كان ابن حزم القرطبي وابن عبد البر الإشبيلي، وابن سكرة الصدفي السرقسطي، وابن الدلائي العذري المري، وابن بشكوال القرطبي وابن الزبير الغرناطي... قد مسخت حباته...وبدلت ذراته...ونسفت أجزاؤه..فالأرض قد زلزلت...والسماء قد نسفت...والبحار قد فجرت..والناس قد هجرت وشردت وقتلت وأبيدت....كانت هذه المعاني وغيرها تختلج في صدري وتدور في خلدي وأنا أصل إلى مطار مدريد قادما إلى الديار الإسبانية في مهمة رسمية ضمن الوفد المغربي الذي سيقيم دروسا وعظية لأفراد الجالية المغربية المقيمة بإسبانيا...

حطت رجلي على أرض إسبانيا وأنا أتفكر في أنها الأرض التي دخلها المسلمون القادمون من الشرق عبر المغرب من أجل الدعوة إلى الله، وتبليغ هذا الدين إلى الآفاق...يا لتلك الهمم التي طوفت الدنيا وهي لا ينهزها إلاكلمة الله والتعريف بدينه وأداء الأمانة والنصح للأمة ....ويا لأولئك الرجال والنساء الذين كانوا حملة رسالة، وأصحاب دعوة، وأرباب منهاج معروف في الحياة...لا يحول بينهم وبين ذلك بحر أو جبل...ولا يمنعهم منه مفازة أو صحراء...كنت أتدبر في هذه المعاني وأنا أطأ الأرض التي وطئتها أقدام المجاهدين مع طارق بن زياد...وموسى بن نصير...أقول لنفسي أهذه هي الأرض نفسها...أو ذاك هو التراب نفسه...أتساءل وأنا أمشي خارجا من مطار مدريد الدولي الذي يبعد عن العاصمة ببضعة كيلومترات...تلقانا المستقبلون الكرام بالبشر والحبور...والتجلة والسرور...بيد أني كنت أبحث في وجوههم هل أجد من ذاك الطراز الأول رجلا...أقبل بين عينيه وأمشي بين يديه..وأمسح رجليه...وأعانقه عناق مشتاق...وأصافحه مصافحة محب وامق...لبثت على هذا لبضعة ثوان....ولم يرُعني بعدُ إلا صوت محرك سيارة تقلني إلى حيث هيئ المقام والمستقر...." 

التعليقات